ایکنا

IQNA

الردع الإيراني ومآلات الصراع بين الإسلام والغرب

11:14 - April 28, 2024
رمز الخبر: 3495466
بيروت ـ إكنا: لم يعد خافياً على أحد من أهل الخبرة في الدين والسياسة أن "طوفان الأقصى" أحدث تحولاً هائلاً في مجريات الأحداث، وأعاد رسم خرائط السياسات العالمية وفق مصالح الدول في الشرق الأوسط.

ولم يعد خافياً على أحد من أهل الخبرة في الدين والسياسة أن "طوفان الأقصى" أحدث تحولاً هائلاً في مجريات الأحداث، وأعاد رسم خرائط السياسات العالمية وفق مصالح الدول في الشرق الأوسط! إنه طوفان عسكري سياسي يعطف آخر الزمان على أوله في ما كانت تعايشه الأمم في تحولاتها النهائية، ويمكن التمثيل له وعليه، بما جرى مع النبي نوح( ع) حينما أراد الله تعالى له النجاة والخلاص ممن ظلموا وأفسدوا؟!

وكلنا يعلم كيف شاءت المقادير الإلهية أن تنفتح أبواب السماء بماء منهمرٍ،وأن تتفجّر ينابيع الأرض ليلتقي الماء على أمر قد قُدر!

فعالمنا اليوم هو إزاء طوفان جديد يتجاوز غزة وفلسطين ليكون حدثاً عالمياً يهدد بمفاعيله وتداعياته رؤوس الشياطين، ويعيد الأمل إلى أهل الحق في أن يشهدوا "جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ"، وفي هذا السياق جاء الردع الإيراني ليجيب على كل ما أبداه الغرب المستعمر من اهتمام بالكيان الصهيوني، تمويلاً، وتسليحاً، ودعماً سياسياً وإقتصادياً لتثبيته أمام ما حق له من قدر الهزيمة!

وكانت النتيجة هذا التحول الجوهري في سياسات العالم،غرباً وشرقاً! وليس خافياً على أحد في مراكز النفوذ العالمي ما أحدثه هذا الطوفان وانكشف عنه من أحداث لم تكن محسوبة في استرتيجيات الدول المستعمرة، فأقفل باب المندب، وفتحت ساحات الجهاد من كل حَدَب وصوب، وكان آخرها ما لاح في أفق فلسطين من دخول لعامل الردع الإيراني بكل ما يعنيه هذا العامل في الجو والبر والبحر!و هذا ما أدى إلى أن تكون نتائج الصراع بين الإسلام والغرب مكشوفةً على نهاياتها الحتمية!
 
إن الغرب المستعمر الذي جاء منتصراً لمشروعه الصهيوني في المنطقة بتقديم كل أنواع الدعم، هذا الغرب يجد نفسه اليوم متعثراً في خياراته العسكرية والسياسية، ويواجه ضغوطاً هائلة من شعوبه الداعمة لأهل فلسطين،كما إنه يخشى الإنزلاق في الحرب الإقليمية لما قد تؤدي إليه هذه الحرب من تحولات سلبية على مصالحه!

فإذا كان الغرب المستعمر قد صرح مراراً أنه إنما يريد التطبيع في المنطقة لحماية مشروعه، وقد سبق لقادة الاستعمار أن أعلنوا جهاراً نهاراً أنه لو لم يكن هذا الكيان الصهيوني موجوداً لأوجدوه، فقد جاء الردع الإيراني ليعمق من مأزق هذا الغرب في تحولات الصراع ومآلاته!

فالماء منهمر من كل جهة، من باب المندب إلى مضيق هرمز،وحيث ضربت بطرفك تجد أنوار فلسطين مشعةً ومشهودةً في كل مدن العالم وجامعاته نصرة لفلسطين، ما أخرج هذه القضية المحقة من كونها قضية عربية إسلامية مسيحية لتكون قضية عالمية وإنسانية تنتصر لها كل شعوب الأرض.
 
فالردع الإيراني مثلما كان سبباً في طوفان الحق، فهو أكمله ليكون نتاجاً في الردع، وفي تحقيق الهوية لوجهة الصراع؛ فلم يعد متاحاً أمام الغرب وأذنابه في المنطقة إحياء مشاريع التطبيع،أو أن يكون الكيان الصهيوني قادراً على القيام بنفسه؛ فكل شيء أغرقه ماء الطوفان لتبقى سفينة فلسطين هي الجارية قبل أن تبلع الأرض ماءها،وأن تقلع السماء ويغيض الماء!؟ فالطوفان إلهي بامتياز، ولو لم يكن كذلك لما أضيف إليه هذا الردع الوجودي بكل عناوينه الدينية والسياسية!وإذا كان هناك من لا يرى في الردع الإيراني تحولًا جديدًا في وجهة الصراع، فقد سبق لهؤلاء ان التبس عليهم الموقف وباؤوا بغضب الله تعالى.

إنه طوفان الحق في ميزان ردع إسلامي جديد، عنوانه الرئيس ، قوله تعالى:" قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا…"،وكما قال مولى الموحدين علي بن أبي طالب(ع): "تَذِلُّ الأُمُورُ لِلْمَقَادِيرِ حَتَّى يَكُونَ الْحَتْفُ فِي التَّدْبِيرِ".
 
وهكذا، فإنه مهما تدبّر الغرب في أموره ومصالحه، فإنه صائر إلى حتمية الفناء في أزماته، وقد بان له من طوفان الحق كيف انكشف عن حضارته الشوهاء؟ فلم يتبق له إلا الخروج قبل أن لا يجد من الجبال ما يعصمه من الغرق في مضائق المنطقة وردعها الإيراني على أبواب الحق وفلسطين.والسلام.
 
بقلم الأكاديمي والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "فرح موسى"
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha